بسم الله الرحمن الرحيم ..
الآن وقد مر على نشري لهذا الموضوع ما يقارب السنتين لأنني قمت بنشر الموضوع وأنا أدرس في الفصل الأخير من الكلية تربية ميدانية والآن لي في التدريس عامان من الخبرة ..
بصراحة وأقولها ولا أحد يزعل علي ...الموضوع أكبر من طاقتي ولم أستطع التحمل ..
يعاملوننا وكأننا مدرسون فارغون وتربيون ناقصين الكثير من مقومات التربية.. درّست خلال السنتين في خمسة مدارس وذلك من كثرة التنقلات إستهانتاً بهذا التخصص من قبل إدارات التعليم لم أجد أي تعاون لا مع مدير مدرسة ولا وكيل مدرسة ولا معلمين ولا حتى طلاب ..
للأسف يا إخوة الموضوع يحتاج وقفه وزارية أو حتى ملكية أو من أي جهة عالية وعالية جداً ولا يمكن أن يقف معلم واحد ضد مجتمع كامل .. يعلم الله أني أكتب هذه الكلمات وأنا أتقطع حسرة ومرارة و ربما سكبت الدمع في غرفة التربة الفنية مرارا تلك الغرفة التي يعتبرها الكثير من العاملين في المجال التربوي أنها هي غرفة دهان المدرسة او سباك المدرسة و الفاشل المعلم في المدرسة.
في أحد المدارس وعند بداية تعييني معلما لمادة الترية الفنية وتحديداً في محافظة الأفلاج فوجئت بمدير المدرسة يطلب مني أن أقوم بتظليل نوافذ الفصول وهل هذا يعقل ؟ هل أعمل مضللاً للنوافذ ؟ وعندما أستنكرت قال لي بالحرف الواحد " أنت فنية " ما معنى هذا ؟
ولقد عانيت الأمرين ودفعت من جيبي الخاص في جلب الخامات والأدوات ولم يكن المدير إلا ممتلأ سخرية مني ويقول لي دائما " وليش تتعب روحك ؟ أنت فنية " ... وعندما أذهب الى مشرف التربية الفنية في إدارة التعليم الموقرة يزيدني إحباطاً عندما يقول لي بأنه ليس مسوؤل عن تصرفات المدير وأنه ليس مسوؤل عن المصاريف المادية للمادة و ينهي كلامه دائما بقوله "أنا مشغول الحين تعال بعدين " .. هل هذا يعقل ؟ ...
ليس هذا فقط ... بل إستمرت المعاناة وأستمرت .. ففي يوم من الايام جئت محملاً بخامات منوعه وأذكر منها القصدير الأصفر وأدوات للطرق وألوان للزجاج وغيرها وعندما دخلت الى المدرسة واجهني المدير الموقر سامحه الله بقوله " لا تشغل طلابنا بذا الخرابيط " بصراحة إنتابني وقتها شيء من الحزن تعدى الوصف بكلمات وذهب الى حزن عميق يسري في قلبي ويقطع أحشاء روحي .. ذهبت الى المشرف في إدارة التعليم وقال لي وهو يبتسم مديرك على حق .. فلماذا هذه الإبتسامة .. هل يسخر هو مني أيضاً.. يعني بالمختصر كما يقولون ... " جيتك يا عبد المعين تعين لقيتك يا عبدالمعين تنعان " ..
عملت لمدة سنة كاملة وأنا أضغط على قلبي وروحي و أعصابي وأرى وأسمع السخرية من كل الناس بلا إستثناء سوى صديق لي واحد تخصصه تربية فنية .. كان يحمل بعض من حملي الشاق وأحمل عنه أحياناً وكأننا في معركة حياة أو موت لسنا في تربية وتعليم لنشئ هذه الأمة وهذا البلد الطيب ..
بعد هذه السنة تم نقلي وبناءً على رغبتي طبعاً الى بلدة صغيرة شمال شرق الرياض وهو رماح .. وما أدراك ما رماح .. كان الأمر أسوأ مما كان عليه في الأفلاج

ولكنني والحمدلله لم أنتظر طويلا حيث شملتني حركة نقل إلحاقية ذهبت بها الى حفر الباطن وشاهدت وقاسيت الأمرين ومازلت أعاني ...
هذا هو حال التربة الفنية ... وصدقوني بأن الحال لن يستمر بهذا الجهاد المضني والشاق ومن طبيعة الإنسان الصادق أن يكون واقعياً وأنا أتكلم لكم بكل واقعية وأتمنى أن يتقبل الله مني كل هذا الجهاد في سبيل نشر العلم ..
وأقصد بقولي أنه لن يستمر وهو أنني سوف أقوم بدارسة الماجستير تخصص إدارة تربوية لكي أريح أعصابي و روحي من العذاب المستديم .. ولكي أكون صادقاً مع نفسي ولكي لا يأتي اليوم الذي أخون فيه مجتمعي وروحي ونفسي وأقول لطلابي أرسم بطة أو أرسم شجره أو لا ترسم حتى وأنام على الكرسي المخصص للمعلم في الفصل ..
هذا ولكم مني أجمل التحايا ..
Bookmarks