تحياتي و تقديرى علي الجهد لصنع شخصية فنية عربية اسلامية أصيلة , أعود الي منتداكم بعد غيبة طويلة نظرا لانشغالي بمشاريع فنية مدرسية علي وشك الأنتهاء.

أعتقد أن دور المعلم عامة في وطننا العربي هو دور بمثابة رسالة عظيمة موجهة الي البشرية جميعها في كل بقاع الأرض لأنه ليس هناك عالم أول أو عالم ثان أو عالم ثالث ,و لكنه هناك عالم واحد , هذا العالم الذى نعيش فيه , هذه تزكية مني شخصيا و تقدير مطلق لا مبالغ فيه للمعلم (عامة) قبل أن نتحدث عن دوره في تخصصه , هذه الرسالة العظيمة (رسالة المعلم ) التي يهدف اليها المعلم لا شك أنه يعلمها ابناء الوطن العربي الاسلامي جميعه .

اذا نظرنا متأملين ما يدور حولنا اليوم فنجد أن هناك احداث و مواقف في جميع المجالات (المجالات الاقتصادية و الفنية و الثقافية و السياسية) هذه الأحداث و المواقف لا بد أن لها علاقة برسالة المعلم الذى سبق عصرنا هذا , و الذى تناول منه المعلم في العصر الحديث شعلة الرسالة اذا سميناها هكذا ليضيء بها ظلمات الطريق الذى تسير عليه أجيالنا .

آسف , قد تتحول هذه الكلمات الي ما يشبه النقد اللاذع , و هذا لا أقصده في مشاركتي هذه , و لكني أعتبره كنوع من التحليل والدراسة للأمر المطروح.

نعود الي معلم الفن , سوف أحاول أن أشرح لكم تجربتي بأختصار في مجال تدريس الفن حيث أعيش , أنا لست معلم فن و لكن شاءت الظروف التي أعيشها أن أكون معلم فن , لأن اقامتي داخل الثقافة الغربية جعلتني أن أكتشف ثقافتي الشرقية العربية الاسلامية فأصبحت رؤيتي الي الأشياء رؤية ذات منظورين (منظور شرقي ومنظور غربي) , أحيانا أمارس منظورى الشرقي لرؤية الثقافة الغربية و أحيانا أخرى أمارس المنظور الغربي لرؤية الثقافة الشرقية , و لا شك أن المنظوران معا يؤديان الي حالة خاصة و نتيجة غير متوقعة.

و حتي لا ندخل في متاهات الحوار , أريد أن ألفت الأنتباه الي خلاصة القول أن حرية التفكير تجعل الأنسان يكتشف امكانيات نفسه ذهنيا و شعوريا , فبدون حرية التفكير لا أعتقد أنه سوف يكون هناك فنانا حقيقيا , و بالتالي لن يكون هناك معلما حقيقيا , و بالتالي أنه سوف لا يكون هناك انسانا حقيقيا.

سوف يكون هناك مؤكد شبه فنان , و سوف يكون هناك شبه معلم , وسوف يكون هناك شبه انسان .

أقصد بحرية التفكير هوأن المستمع لا بد أن يعطي أذنا صاغية برغبته الشخصية الي حديث المتحدث ( أى حديث كان ) , ثم بعد ذلك تتم بداخل المستمع اختلاط ما يستمع اليه بأفكاره و مكتسباته الشخصية , ثم بعد ذلك ينبغي أن يكون ايجابيا , أى يرد بشكل أو بآخر علي ما أستمع اليه , لا يهم أن يكون الرد صوابا أم خطأ , المهم أن يقول ما عنده و خلاص , بهذه الطريقة من الممكن أن يحدث داخل الانسان الشعور بالحرية ( حرية الاستماع , و حرية التفكير , و حرية الرد ) , حينئذ سوف تتفتح قنوات جديدة في عالمه الخاص , من الممكن أن يسير بداخلها بشعلة معلمه أو ربما بشعلة نفسه .

أعتقد هذه الملاحظة يجب أن تؤخذ في الاعتبار لدى المسؤولين عن تنظيم الدورات التدرسية في مجال التربية الفنية و في أى مجال آخر.

دعائي لكم بالتوفيق,
مع تحياتي .
شوقي عزت