الطفل واكتشاف العالم بالتخريب

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
موضوع منقول ولكننى احببت ان نتشاركه سويا لنتعرف على فكر وعالم الطفل

اكتشاف العالم يبدأ بالتخريب!

للعب أهمية في تنمية مهارات الابتكار والإبداع

"أريد أن أركض وأمرح وأحلم وأكتشف نفسي والعالم من حولي".. ذاك هو النداء الجميل الذي يحرك الأطفال، وكثيرا ما يقمعه الكبار، متناسين أنه كان اللبنة الأولى في بناء حياتهم ومستقبلهم. ويرى المتخصصون أن الطفل يكتشف العالم والأشياء من خلال تفكيكها ومحاولة إعادة تركيبها، ولأن الكبار لا يحتملون رؤية أطفالهم يعبثون بأشيائهم الثمينة، نجدهم يسارعون بمنع أطفالهم من اللعب ولا يتيحون لهم بدائل.. بل ويفرضون عليهم حظرًا يؤذي مشاعرهم، ويمنعهم من مواصلة اكتشاف العالم.

الاكتشاف.. بالتخريب!
تقول السيدة عبير حمدي: ابني -5 سنوات- شقي للدرجة التي تدفعني أحيانا إلى البكاء، فمثلا فكك كل أجزاء دراجته بعد شهر واحد من شرائها، وكلما أصلحتها يعيد تفكيكها، يحاول إصلاحها ولكنه لا يستطيع، بل إنه حاول تفكيك التلفزيون وغسله من الداخل بالماء والصابون. كما أقدم ذات مرة على غسل شاشة التلفزيون بدعوى أن المذيع قبيح!

وتضيف: لقد استخدمت جميع الوسائل لردعه عن هذه التصرفات، بدءا من الإقناع وحتى الضرب، ولكن دون جدوى.

أما السيدة "هالة الحلوجي" فتقول: ابني خلال السنوات الأولى من عمره كان يعبث بكل محتويات المنزل حتى الثلاجة، مما دفعني لعمل مفتاح لها، بل إنني عندما كنت أصطحبه لزيارة الأصدقاء أضطر لجمع جميع التحف ووضعها بجواري لحمايتها من عبثه.

وتضيف السيدة "عزة كامل" -مدرسة-: عادة ما يتركز ألعاب أبنائي الثلاث على ضرب بعضهم البعض! كما أعاني من إصرار الابن الأصغر على إلقاء كل محتويات المنزل من الشرفة!

يوضح د. إلهامي عبد العزيز -أستاذ علم النفس، وكيل معهد دراسات الطفولة بجامعة عين شمس- أن الطفل خلال السنوات الأولى من عمره يحاول اكتشاف العالم من حوله، والتعرف على رد الفعل لكل حركة يقوم بها، ومعظم عمليات التكسير في هذه المرحلة تكون بدافع الاكتشاف، ونبدأ في اعتبار الطفل عدوانيًّا عندما يستخدم العنف بشكل يتجاوز طبيعة اللعبة التي يؤديها. وإذا سمح الوالدان لأبنائهما برؤية مشاهد العنف فعليهما أن يتوقعا ميلهم إلى الألعاب ذات الطبيعة العدوانية.

وحتى نتبين سلوك الطفل علينا:

أولا: تحديد المرحلة العمرية التي يمر بها.

ثانيا: التعرف على الأسباب المؤدية إلى السلوك العدواني والتي قد تتمثل في الغيرة والإحباط وعدم الشعور بالأمان.

وتؤكد د. كريمان بدير -رئيسة قسم تربية الأطفال بكلية البنات جامعة عين شمس- أنه عندما نصنف درجات ذكاء الأطفال تكون كالتالي: طفل أدرك اللعبة ببصره، ثم طفل لمسها، لكن الطفل الذي يحاول اكتشاف اللعبة والبحث فيها نعتبره مبدعا.

"ليته هادئ"

تلك هي الأمنية التي تراود الكثير من الآباء، فمن خلال ملاحظتي الأطفال لفت انتباهي طفل عمره عامان، لكنه لا يتحرك من مكانه، ونادرا ما يستثار، وأدهشني إعجاب الكبار بالطفل وبما وصفوه من هدوئه!

ويؤكد د. إلهامي أن امتناع الطفل عن اللعب سلوك غير سوي، وقد يعبر عن مرض نفسي أو جسدي، أو قد يكون بسبب تسلط أحد الأبوين أو كليهما، حيث إن تشكيل الضمير الإنساني يبدأ في السنوات الأولى من عمر الطفل من خلال التعليمات التي يتلقاها، وعندما يتلقى تعليمات مثل ضرورة الجلوس هادئا، وعدم اللهو مع الأطفال الأشقياء السيئين.. يعتقد الطفل أن اللهو سلوك خاطئ ينبغي تجنبه، مما يعيقه عن النمو، ويؤثر على مهاراته في المستقبل.

ويضيف: ما زلت أتذكر عندما كنت أتحدث إلى الدمى وأتخيل أنها تسمعني وتتحدث إلي، ذلك هو جزء من العالم الرائع الذي يعيشه أطفالنا.

الخيال إبداع

تقول "منى زيادة" -موظفة علاقات عامة بجامعة حلوان-: ابن شقيقي عمره 5 سنوات، كثيرا ما يروي قصصا عن مديرة المدرسة التي ضربت التلاميذ وحبستهم داخل غرفة الفئران، ويوهم شقيقه الصغير بوجود عفاريت في الغرفة المجاورة.

ويضيف حاتم محيي الدين -22 عاما، بكالوريوس هندسة-: كنت أسعد كثيرا بجمع الوسائد وتركيبها فوق بعضها، وأتخيل أنني أنشئ بيوتا وأجلس بداخلها.

ويؤكد د."محمد عبد الظاهر الطيب" -أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية بجامعة طنطا، رئيس رابطة التربية الحديثة- أهمية اللعب الإيهامي أو التخيلي لنمو الطفل، فهو أساس الإبداع والابتكار، فالاختراعات العلمية بدأت بالخيال، فمثلا اختراع الطائرة بدأ عندما تخيل الإنسان أنه يطير.

ويوضح د. إلهامي أن الطفل خلال السنوات الستة الأولى من عمره لا يستطيع التفرقة بين الخيال والحقيقة، ولكن إذا استمر هذا السلوك يصبح نوعا من السلوك غير السوي، حيث إن الفصام يبدأ بعدم القدرة على الفصل بين الواقع والخيال، ويحذر من اتهام الطفل بالكذب عندما يروي قصصه الخيالية.

المحاكاة.. أدوار ودلالات

إذا أردت أن تتعرف على رأي طفلك في الأشخاص المحيطين به فعليك متابعة تصرفاته.

تؤكد السيدة عبير حمدي أن ابنتها -6 سنوات- تحاكيها في استخدام مستحضرات التجميل وحمل الحقائب، بينما يحرص الابن -5 سنوات- على محاكاة والده مثل تغليظ صوته واستخدام ماكينة الحلاقة!

وتضيف د. دينا علام -معيدة بكلية الطب جامعة الأزهر-: طفلي -7 سنوات- دائما يقلدني، حتى عندما أشرد مع نفسي وأنسى شيئا ما يتظاهر هو بالنسيان.

ويؤكد د. إلهامي أن المحاكاة تعكس رؤية الطفل للأشخاص المحيطين به، مما يفسر إذا كانت هذه الرؤية سوية أم لا، والمحاكاة ضرورية حتى يطور الطفل سلوكه، ويحذر من اقتصار سلوك الطفل على المحاكاة حتى بعد الوصول إلى مرحلة النضج مما يعد سلوكا غير سوي.

ويشير د. الطيب إلى حدوث نوع من التفاعل بين السلوك الذي يحاكي فيه الطفل الآخرين، والسلوك الذي يعبر فيه عن نفسه، ومن هذا المزيج تتكون شخصيته.

يقول خالد حسني -مدرس-: طفلي عمره 4 سنوات يحاول أحيانا محاكاة شقيقته الصغيرة، فمثلا كان يصعد السلالم باستخدام يديه ورجليه مثلها، وإذا سقطت على الأرض يتظاهر بالسقوط.

ويفسر د. إلهامي هذا السلوك (النكوص) بالغيرة، والحرمان من النشاط، وتسلط الأبوين.

للعب فوائد

يقول محمد متولي: طفلي -5 سنوات- يلهو بجميع الألعاب على اختلاف أنواعها وطبيعتها.

ويفسر د. إلهامي ذلك بأن الطفل يبحث عن اللعبة التي تتناسب معه ومع ميوله، ويظل يتنقل بين الألعاب حتى يجدها، ولكن إذا استمر هذا السلوك وارتفع معدل التنقل بين الألعاب، فقد يعبر ذلك عن تذبذب وعدم استقرار عائلي.

وتؤكد د. ليلى كرم الدين -أستاذة علم النفس بمعهد دراسات الطفولة بجامعة عين شمس، مديرة لجنة الطفولة ورياض الأطفال بالمجلس الأعلى للجامعات- مسئولية الأبوين عن اكتشاف ميول أطفالهما ودعمها، فلكل طفل مجاله الذي يتميز فيه، حتى الأطفال المعاقون ذهنيا عادة ما يتميزون في مجال الموسيقى، فالعلماء يقسمون الذكاء إلى عدة أنواع، مثل الذكاء اللغوي والموسيقي.

تؤكد د. ليلى إمكانية تعليم الطفل من خلال اللعب، موضحة أن هناك جزءًا من الألعاب يختارها الطفل بمفرده، وجزءًا تختاره الأم، فمثلا يمكن تعليم الطفل الألوان والأعداد والأحجام من خلال اللهو والمرح، بعيدا عن الأوامر والتعليمات حتى لا ينفر.

وتشير د. كريمان إلى أهمية اللعب مع الرفاق منذ الشهور الأولى من عمر الطفل لتعليمه القيم الاجتماعية، مثل التعاون وروح الفريق والالتزام بقانون اللعبة واحترام الآخر، وحتى لا يشعر الطفل بالذاتية وبأنه محور الكون.

لكل سن لعبة

وتوصي "د. كريمان" بتقديم الألعاب التي تستثير حواس الطفل خلال السنوات الثلاث الأولى من عمره، كأن تكون اللعبة زاهية اللون، مبهجة الشكل، تصدر صوتا، يمكن تفكيك أجزائها، مما يدفع الطفل إلى الربط بين شكل اللعبة وصوتها، وبالتالي يمكن تعليمه أصوات الحيوانات مثلا، كما أن تفكيك أجزاء اللعبة وتركيبها يمنح الطفل إحساسا بالذات والقدرة على السيطرة.

ويبدأ الطفل في المرحلة من 3 إلى 6 سنوات عقد مقارنات بين الألعاب المختلفة، ووضعها داخل مجموعات، هذا هو بداية التفكير العلمي عند الطفل، ثم يبدأ الطفل في السنوات الثلاث التالية نوعا من اللعب الهادئ والاقتراب من جنسه، وهنا لا بد من تقديم الألعاب التي توضح دور الفتيات والأولاد في المجتمع.

ويمكن في المرحلة النهائية للطفولة الممتدة بين 9 و12 عاما تعليم الأطفال الثقافات الأخرى من خلال تقديم قصص عن العالم، وألعاب الشعوب المختلفة.