ضمن الموسم التشكيلي في الرياض

الأثنين 22 ,صفر 1425

[align=center]

ضمن الموسم التشكيلي في الرياض
حمّاس يعرض في الخيمة أطول لوحة على مستوى الخليج
سبعة من فناني القطيف في معرض مشترك
عبد الوهاب مهدي وخطوة الألف ميل في التشكيل
[/align]

* الثقافية محمد المنيف:
مهرجان تشكيلي متتابع تسطع نجومه في سماء الرياض يشكله فنانون ممتلكون سبل الإبداع ولهذا أصبحت الرياض في هذا الموسم .
http://www.art4edu.com/images/cach1432/2004/11/1.jpg
محققة لقصب السبق في مضمار المنافسة من بين المدن التي سبقتها سنوات مضت ومنها مدينة جده بتألق نشاطها على المستوى العربي والعالمي، في الرياض تأتي في وقت التحرك الهادئ للجهات الرسمية التي تعودنا على حضورها الكبير كالرئاسة العامة لرعاية الشباب باعتبارها الداعم الأول والأكثر تواصلا مع التشكيليين ابتداء من تسهيل سبل إبداعهم ودعوتهم للمشاركة في معارضها مرورا بما أعد للفنانين من برامج متواصلة على مدار العام محلية ودولية وصولا الى التعريف بهم عالميا فكان لهم حصد الجوائز في منافسات دولية كبرى ، ومع هذا الغياب إلا أن الثقة التي تسلح بها هؤلاء المبدعون جعلتهم أكثر اعتمادا على الذات فانطلقوا في فضاء الوطن ينثرون شذى إبداعهم .
حماس ومغامرة سباق الأمتار
فمن هذه المعارض وقد يكون الأكثر اختلافا من بين أساليب العرض يبرز معرض الفنان عبدالله حماس المقام في خيمة الأمانة بالملز والمشتمل على العديد من الأعمال ذات الأحجام الصغيرة والكبيرة ، ابتداء من الأعمال ما بين الثلاثين سنتمترا وصولا الى أكبر لوحة يمكن اعتبارها الأولى على مستوى الخليج والمنفذة باستخدام ألوان الاكريليك على القماش عبر الأسلوب التجريدي الرمزي الذي اصبح سمة جميع أعمال الفنان، هذه اللوحة تشكل في مجملها بانوراما ترمز الى العادات والتقاليد في مختلف مناطق المملكة تنوعت فيها
العناصر بين الزخارف المختلفة والأشكال الشعبية لا مس فيها الحياة المختلفة ومن رموز تدل على طبيعة وتراث مجتمعاتنا المحلية فهي ترمز في شكلها النهائي الى وحدة وتأصيل العادات والتقاليد، العمل كما يتحدث عنه الفنان حماس بدأ بمساحة 80 متراً وذلك لعرضها في العاصمة الفرنسية باريس عام 2000 ، وعن الفترة التي استغرقها لانجازها قال الفنان إنها تجاوزت العامين وذلك في مرسمه الخاص بمنزله في مدينة جدة السعودية مضيفا أن وزنها الإجمالي يبلغ 800 كيلو جرام يتم نقلها في خمسة صناديق كبيرة.
وتمت المشاركة بها بعد أن أضيفت لها العشرين مترا ضمن فعاليات
مهرجان التسوق عام 2002م في واحة السجاد والتحف التي نظتمها جمارك دبي بمؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة ، يأتي هذا المعرض المتميز بأسلوب العرض من بين المعارض التي تعودنا على أن نرى فيها أعمال لا تتعدى المترين يأتي بعد غياب ثلاثين عاما عن إقامة معارض الفنان حماس في العاصمة بعد أول معرض له عام 1394هـ بعد تخرجه بسنة من معهد التربية الفنية وكانت تلك الفترة من أبرز الفترات للفن التشكيلي المحلي ، الفنان عبد الله حماس كما عرف عنه أحد رموز الإبداع المحلي وله حضور عربي وخليجي بارز.
أسماء لامعة وأخرى بارزة
جمعهم هاجس الإبداع
من جانب آخر يقام حاليا في قاعة شدا بالرياض معرض تشكيلي يضم سبعة من المبدعين التشكيليين من محافظة القطيف كانت أولى محطاتهم في الجمعية القطرية للفنون التشكيلية بدولة قطر حيث حظي بنجاح كبير من قبل المسئولين بالجمعية وفي مقدمتهم الفنان التشكيلي القطري عيسى الغانم أحد الأسماء الفاعلة والرائدة في التشكيل القطري . ضم المعرض كلا من الفنان علي الصفار والفنان فاضل أبوشومي والفنان بشار الشواف والفنان زمان جاسم والفنان منير الحجي والفنان عباس آل رقيه والفنان محمد السيهاتي . وتشكل المجموعة نخبة من الأسماء البعض منها لامعة على الساحة عبر تحركها وتواجدها القديم والجديد وتحقيقها للكثير من المراكز المتقدمة في المسابقات والمعارض المحلية والدولية والبعض الآخر من المجموعة لا يقل بقدر ما
يتوازي من حيث التميز والخبرات والتجارب ما يعني توقع نجاح المعارض التي يساهمون بها من خلال مجموعتهم ومنها نجاح خطوتهم الأولى على المستوى الخليجي.
يقدم الفنان بشار الشواف مجموعة اعتمد فيها على إيجاد توازن بين الكتلة والفراغ معتمدا في إيقاعه اللوني على هرموني هادئ جامعا بين الخلفية المعتمة الموحية بالسخونة وبين الكتلة الزرقاء الباردة بما يحددها من خطوط راسية الاتجاه مقفلة في نهايتها كإيحاء معماري يتشكل وفق رؤيا المشاهد ، أعمال بشار مع أن عناصرها واحده إلا أن تحريكها في فضاء الخلفية يشعرنا بان كل لوحة تظهر على حده.
أما في أعمال الفنان زمان جاسم فكما تعودناها خارجة عن السرب دون تخل عن الانتماء ألوانه تجمع بين الحس الأفريقي وبين امتزاج ألوان الواقع في واحات القطيف والأحساء يعالج إبداعه بشكل متقن ويجبرك على أن تكشف لذاتك حجم الدهشة المؤطرة بالإعجاب . البعض يعتقد أن ما يقدمه نمط مكرر بينما يراه العارفون بزوايا أخرى اكثر تجددا.
الفنان عباس آل رقية يتعامل مع اللون بإحساس مرهف يسترجع فيه
ألوان الطيف ويزاوج بين المتضادات بين الساخن والبارد لكل منهما معنى ولكل منهما مهمته في التعبير قد نراها جرأة في الأداء وقد تكون لحظة تعبير جامحه يختصر العناصر ويميل الى الرمز الأشكال الهندسية كالمربع والمستطيل يلعبان دورا مهما يشكلان شخوصا مسرحية تسمع بالعين ويتردد صداها في وجدان المتلقي.
الفنان علي الصفار الحديث عنه يطول فتاريخه وتجاربه التشكيلية وضعته في موقعه الصحيح يمارس إبداعه بكل جداره يتعامل مع خامته بتمكن الخبير ومع الفكرة بالمختزل الممتلئ بكل ملامح الواقع جمالا وحيوية الساكن منه والمتحرك ، مر الفنان الصفار بالكثير من المراحل واجاد فيها ثم مر بمختلف الأساليب فعاد منها بمحصلة ريادية يقدم أعماله الأخيرة مفعمة بالعنفوان ألوانه لا يحدها حدود أو يجد أمامها شعور بالتردد أو الضعف يزاوج بين ضفتيهما ويخرج بهما الى بر الأمان في إيقاع ديناميكي لا يتوقف يأخذ المشاهد في جولة سريعة في الشكل ثم يدخله أعماق الفكرة ويترك له حرية العودة او البقاء في الذاكرة مع أن بقاء إبداعه أصبح عنوانا له في قلوب متابعيه.
اعتمد في أعماله الأخيرة على إذابة العناصر في الألوان أصبحت بتمازجها نسجا هلاميا يتراءى كالحلم.
السؤال المطروح جدلا هل ينقلنا الصفار نحو أفق جديد ؟ هذا ما سنتعرف عليه من خلال معرضه القادم.
الفنان فاضل الشومي أعرف تجاربه السابقة حيث كانت الخيول مادته ووجبته التشكيلية فترة ليست قصيره ثم استلهم منها نهجا آخر ليصل الى ما قدمه في هذا المعرض مبقيا معه إحساسه وروح ورائحة اللون فهذه هي (بالتتة) أو ملونه، حيوي تتراقص ألوانه كإشراقة الشمس على سطح بحيرة تحركها نسمات الربيع لا تتوقف العين في مكان أو مساحة محدده أو أن تتيح لك الشرود او الانفلات يكملها برموزه وإيقاعاته الخطية التي تشكل عناصر معروفة وموجودة في دواخلنا لا تحتاج إلا للتركيز والبحث بعين المثقف في فضاء الجمال بكل معطياته أعمال الشومي كرنفال ألوان لا تنقصه الموسيقى بل تسمعك إياها .اتوقع أن في قادم أعماله ما سنفتقده من زخم وزحمة العناصر، مجرد توقع .
محمد السيهاتي في إيقاعه الخطي المتنوع المهام المغموس بالألوان من لوحة الى أخرى يكشف انه وجد ضالته للتعبير عن مكنونات الفكرة والمضمون يأخذك في العمل مبتدئا بالكل او الشمولية ثم يدعوك طوعا للجزئيات ففي كل زاوية من زوايا لوحاته إيحاء ما وضع بمقادر وبمساحة مدروسة تتلاءم مع بقية التكوين العام، التجربة ليست سهله والوصول اليها بهذا الحجم يعني أن أمام الفنان مجازفة كبيرة إذا لم يكن لديه قاعدة صلبة اطلق منها هذا التحول.
الفنان منير الحجي عاشق الطبيعة والواقع البيئي بكل تفاصيله لايمكن أن يكون ألا وفيا معها ولكن بمتطلبات العصر والبحث عن سبل الإبداع الحديث، الحجي في أعماله مغازلة عن بعد مع التراث يعالجه في اللوحة بمشاعر مفعمة بالعاطفة يضع العناصر بهدوء ويضفي عليها ألوان غالبا ما توحي بالغروب وكأني به تلميح لوداع التراث والابداع المتمثل في أنماط الزخرفة في مباني القطيف وفي مختلف مباني المنطقة التي أصبحت تتآكل وتذوب مع الزمن لهذا يسعى الفنان الحجي لاقتناص مكامن الجمال وتشكيلها على اللوحة.
عبد الوهاب والخطوة الأولى أخيراً وضمن سياق المعارض هذه الأيام يقيم الفنان الشاب عبد الوهاب محسن مهدي معرضه الأول بصالة الأمير فيصل بن فهد للفنون التشكيلية بمعهد العاصمة النموذجي الذي وجد الدعم الكبير من قبل صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد نائب الرئيس العام لرعاية الشباب فموافقته على رعاية المعرض كما يقول عنها الفنان عبد الوهاب وسام وموقف لن أنساه ما حييت مضيفا اليه أيضا موافقة حرم سمو الرئيس العام الأميرة الجوهرة بنت فيصل بن تركي ورعايتها لافتتاح فترة السيدات وهو تتويج يضاف للوسام .. يشتمل المعرض على مجموعة متنوعة من أعمال عبد الوهاب منها ما يتعلق بالبر وترية والمناظر الطبيعية مستكشفا من خلالها ملامح التجربة والتعرف على الأساليب المختلفة في مجال الفنون التشكيلية
إضافة إلى أن في دخوله واقع المعارض التي تضع الفنان في المحك الحقيقي مع الجمهور والمتخصصين ما يجعله يستعد لمراحل قادمة أكثر استخلاصا لما يمكن الوصول اليه ونحن هنا إذ نقدم الفنان عبد الوهاب ونتابع عطاءه ومحاولاته لوضع موقع قدمه في الساحة فذلك سعيا منا للوقوف مع أي واعد يمتلك الرغبة مع تحفظنا تماما على المستوى الفني وتقديرنا لكونه يتلمس طريقه منتظرين أن يؤكد هذه الرغبة بالاقتراب أكثر من مصادر المعرفة تقنيا وموضوعيا فالساحة تعج بالكثير لديهم من التجارب ما يتساوى مع تجربته ومع هذا أتيحت لهم الفرص ودعموا منهم من تراجع ومنهم من أجاد
السباحة في لجج هذا الفن الذي يعتمد على الوعي المستمر بكل جديد فيه مذكرين هؤلاء الفنانين الواعدين من الشباب أن البدايات متشابهة بينهم وبين من أصبحوا اليوم روادا كبار.



_________
المجلة الثقافية ، جريدة الجزيرة